العاقر

 

أما القصة الثالثة العاقر: فهي تعالج موضوعاً اجتماعيا، حاضر الوجود في المجتمع العربي. حيث لا يكفي أن يعيش الزوجان سعيدين ، وبخاصة إذا توفرت لهما الظروف المادية والنفسية المريحة، حيث أن المجتمع لا يكتفي بذلك، بل يلزم لاكتمال السعادة أن وجود الأولاد ضروري لاتمامها.

 

يتزوج عزيز من جميلة ، ويعيشان حياة كلها هناء، ولكن الصدمه تقع على الأسرة كلها: أسرة الزوج والزوجة عندما يتأخر موعد حمل الزوجة وعند هذا الحد ينقلب كل شىء ضدها, وتسحب منها كل الامتيازات التي منحت لها ، لأنها غير قادرة على إنجاب وريث لزوجها وأهله ـ القصة تكاد تكون قربية في المغزى من القصة السابقة ـ وتذل المرأة وتضطرها حماتها إلى مراجعة أطباء كثيرين ، بل وعرافيين ومشعوذين وسحرة ، وأخيراً تلجأ إلى الكنائس والأديرة ، وحتى تلبي رغبة الأهل ، تضطر أن تحمل عن طريق الزنا، وعندما يشعر الأهل بحملها ، تعود لها مكانتها الأولى.  ولكنها لا تطيق ذلك فتلجأ إلى الانتحار، وتخبر زوجها بذنبها عن طريق رسالة، تتركها له.

 

يظهر في القصة كثير من المبالغة في وصف جمال العروس والعريس ، وفي حفلة العرس، والمآدب التي أقيمت بالمناسبة، ومبالغة في اهتمام أم العريس الشديد بالحرص على راحة الزوجة الجديدة الغزل الذي يتبادله الزوجان، ولكن هذا الحب الملتهب يبدأ بالفتور بعد أن تمر على العروس سنة دون أن تحمل.

 

ويزداد الوضع سوءاً ، عندما تمر عشرة أعوام على زواجهما دون أن يرزقا بمولود. فتتحول الحياة في البيت إلى جحيم ، وتغيب كلمات الحب والمجاملة وتحل محلها ممارسات هي نقيض لها.  فكل ما حول الزوجة يطالبها بالمولود ، وكأنها مسؤولة عن التقصير في هذا المجال . وعندما تحمل تعود صور المجاملة إلى عهدها السابق مع أن الحمل كان عن طريق غير شرعي .  وفي لحظة صحو الضمير عند الزوجة جميلة ، وشعورها بالغربة عن جميع الناس ، تنسحب وتنتحر بعد أن تكتب إلى زوجها رسالة مطلولة .

 

حمل ميخائيل نعمية الرسالة المطولة التي تركتها جميلة لزوجها أموراً كثيرة حتى جاءت على شكل مفتعل ، كان من الممكن أن تواجه به الزوج والأسرة ، وكل الناس ، وأن تعترف بأن العقم يمكن أن يكون من الزوج أو يكون سببه الزوجه . لكن هكذا أراد نعيمة أن يتعاطف معها ، ويجعل القراء يتعاطفون معها على الرغم من كونها زانية، إلا إنها ضحية أهلها وضحية مجتمعها.

 

كالعادة يستعمل نعيمة في قصصه أو حوداثيه ، لغة تمثل الأشخاص الذين يتحدثونها، تساير ثقافتهم وعاداتهم ولا يترك نعيمة أي لفظة أو صفة تلزم شخوصه في القصة إلا ويستخدمها ، حتى لو كانت عاميه، أو لغة دارجه عند الناس حيث تمتلىء القصة بالألفاظ العامية المستعمله في المجتمع اللبناني مثل قرقوري ، ويلي ويلي، ليتك تقبرين حماتك  إن شاء الله . وغيرها من الألفاظ التي جاءت منسجمة مع البناء اللغوي . ولعل لجوء نعيمة إلى أسلوب الرسالة في القصص الثلاث، قد جعل من القصص الصغيرة أو الحواديث ، قصة داخل قصة !

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : المدرسة العربية

 

تاريخ التحديث : آذار 2006

Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية