الذخيرة

 

في قصة الذخيرة

تنشأ علاقة وثيقة بين الرواي وبين شاهين بطرس الجزيني في آخر الأسبوع الأول لعودته من البرازيل ، لكون الأخير صاحب أسلوب جميل في رواية الأحاديث الغريبة، وهذا الشخص كان يروي القصص وكأنه قد شهدها كلها ، أو مرت معه في غربته ، ولعل أغربها على سمع الراوي الذي سمعها ، كانت قصة الأفعى التي ابتلعت ثوراً ضخماً  !   

 

أما ما لفت نظر الرواي إلى أعاجيب شاهين ، فهي أن الأخير كان يحتفظ بحجاب تحت إبطه ، وهو يدعي أنه جزء من الخشبة التي صلب عليها المسيح، ومع أن شاهين كان رجلا عصريا علمانيا لا يؤمن بالمسيح ولكنه يؤمن بالخشبة !

 

ويبين نعيمة كيف استطاع شاهين الحصول على الخشبة ، حيث اشتراها من كاهن يوناني ، كان يعيش في القدس، وحيث كان مقربا من البطريرك، فقد أهداه البطريرك الخشبة ، وأنها نادرة الوجود ، إذ لا يوجد مثلها غير أثنتين أو ثلاثة .

 

وحتى لا يُظن أن شاهين مغفل فقد طلب إليه الكاهن أن يطلق النار عليه وهو يرتديها ، ففعل لكنه لم يصب بأي أذى ، وأخبره الكاهن أنه تعرض أثناء الحرب إلى عيارات نارية كثيرة، إلا أنه نجا منها ، وأن الكاهن كان في سفينة غرفت في البحر ولكنه نجا  ولم ينج أحد غيره .

 

وعندما اشتراها شاهين كان على ظهر حصانه في الغابة فأعترضه نمر، لكنه رأى النمر جثة هامدة، إذ حاول لصوص وعبيد سرقة شاهين وانهالوا عليه بالرصاص ، إلا أنه لم يصبه أي مكروه. وكذلك فقد احترق بيت شاهين وهلك كل من فيه إلا ان الرجل لم يمسه سوء  !

 

وعندما حاول الرواي أن يتأكد من صدق فعل الخشبة ، لم يتأخر شاهين عن دعوة ابنه الصغير ، وكان قد جهز البندقية من أجل اقناع الرواي بصدق كلامه ، وقد حضر الفتى ، وألبسه أبوه الحجاب ـ الخشبة ـ ثم حاول إطلاق النار عليه ، لكن الرواي أزاح يد شاهين فابتعدت الرصاصة عن الولد ، ويصر شاهين أن يجرب الأمر في القطة فيضع الخشبة في رقبتها ويطلق عليها النار، فإذا هي جثة هامدة تتخبط بدمها .

لم يلبث شاهين بعد ذلك أن يلقي بالخشبة في بركة الماء ويتخلص من وهم طويل دام يعتقد به .

 

الأقصوصة من نوع الحدوثة أيضا ، ساذجة في معناها وساذجة في عرض طرق تفكير شخوصها ، وهي أيضا مثل بقية الأقاصيص الأخرى ، فيها أثر للهجرة من لبنان إلى الغرب والعودة من الهجرة ، وبيان ما كان يصادف المهاجرمن مواقف وأشياء غريبة على حياته.

 

غير أن سذاجة الحدث والصراع فيها ظاهران بشكل واضح ، ولكنها تعبر عن  فكر أهل لبنان والمشرق في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، الذي كان عصر انفتاح الشرق المغلق على الغرب السابق في كل نواحي حياته. وقابلية الشرقيين لتصديق أي أمر ولو غريب عن أهل الغرب.

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : المدرسة العربية

 

تاريخ التحديث : آذار 2006

Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية