درس تطبيقي في النصوص الأدبية للمرحلة الثانوية
أي بني...لذة العقل

 

أي بني !

لست أريدك أن تكون راهبا ، فمتى خلقت إنساناً لا ملكا فلتكن إنسانا له ملذاته وشهواته في حدود عقله ومنفعته ومنفعة أمته .  أريدك أن تفهم معنى اللذة في حدودها الواسعة لا الضيقة .. إن اللذة درجات كدرجات السلّم آخذة في الصعود ، فأسفل درجاتها لذة الأكل والشرب واللباس ، وما إلى ذلك . ومن غريب امر هذه اللذة أنها تفقد قيمتها بعد الاستمتاع بقليل منها ، ثم هي ليست مرادفة للسعادة ، فكثير ممن يأكلون الأكل الفاخر ، ويلبسون اللباس الأنيق ، ويسكنون القصور الفخمة ، هم مع ذلك أشقياء .. ثم هذه اللذائذ قيمتها في الاعتدال فيها ، وعدم التهافت على كسبها ، إن شئت فاحسب حساب من أفرط فيها في فترة قصيرة من الزمن ثم فقد صحته ، فلم يعد يستطيع أن يتابع لذته ، وحساب من اعتدل فطال زمن لذته مضافا إلى لذته من صحته .

 

وأرقى من هذه درجة، لذة العلم والبحث والقراءة والدرس .. فهذه لذة العقل وتلك لذة الجسم ، وهذه أطول زمنا ، وأقل مؤنة ، وأبعد عن المنافسة والمزاحمة ، والتقاتل والتكالب ، وصاحبها أقل عرضة لتلف النفس وضياع الصحة .

 

وإن أردت الدليل على أنها أرقى من الذائذ المادية ، فاسأل من جرب اللذتين ، ومارس النوعين ، تجد العالم الباحث والفنان الماهر والفيلسوف المتعمق لا يهمهم مأكلهم وملبسهم بقدر ما تهمهم لذتهم من بحثهم وفنهم وتكفيرهم . 

وأرقى من هذه وتلك لذة من وهب نفسه لخدمة مبدأ يسعى لتحقيقه ، أو فكرة إنسانية يجاهد في إعلانها واعتناقها، أو إصلاح لداء اجتماعي يبذل جهده للقضاء عليه .. فهذه هي السعادة ولو مع الفقر ، ولكن لا يصل إلى هذه الدرجة من اللذة إلا من رقي حسه وسمت نفسه .

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : المدرسة العربية

 

تاريخ التحديث : أيار 2003

Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية