قابلني في الطّريق شُوَيعر يحملُ في يده صحيفة . وكنتُ ذاهباً إلى موعدٍ لا بُدَّ لي من الوفاء به ، وفرض عليّ أن يُسمعني قصيدةً من طريف شِعرهِ كاشفته بأمري فَأبى . فانْتَحى بي ناحيةً ، وأنشأ يترنَّم بأبياتِ القصيدةِ ، وأنا أشعُرُ كأنّما يجرّعني قطراتٍ من السُّمِّ ، وكان ينظر إلى وجهي كلّما انتهى من البيتِ ليعرف وَقعَ شعره في نفسي ، حتّى أنشدّ خمسينَ بيتاً . ثمَّ وَقَفَ وقال : هذا هو القسمُ الأول . فقلتُ : وكم عددُ أقسامها ، يرحمكُ الله ؟ قال : عشرة .  قلتُ : أتأذن لي أن أقول لك الصِّدق ؟ قال : تفضّل . قلت : إن شِعركَ قبيح ، وأقبحُ منه طولُه ، وأقبح من هذا وذاك هذا الصوتُ الخشِنُ الأجشّ ، فهل تعتقد أنَّني من سخافَة الرّأي بحيثُ يُعجبني شعرك ، ويسهل عليّ فواتُ الغَرَض الذي من أجله خرجت ؟ فتلقاني بضربةٍ في صدري ، وتلقّيته بمثلها ، وما زالت أكفّنا تأخذُ مأخذها حتى كلَّت ، فرفعت عصاي ، وضربته على رأسه ، فسقط مغمى عليه . وكان الشرطي قد وصل إلينا فاحَتمَلنا إلى السّجن حيثُ قضيتُ ليلتي .

 

رجوع

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : المدرسة العربية

 

تاريخ التحديث : 5 حزيران 2003

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية