لَقَدِ اعْتادَ سَماعَ النّاسِ يُنادونَهُ " أَبو ناصيف " ، مُنْذُ فَتَحَ عَيْنَيْهِ عَلى الوُجودِ . وَانْتَقَلَ دُعاءُ الناسِ مِِنَ التَّمنِّياتِ لَهُ بِالفَرْحَةِ الكُبْرى إلى الرَّجاءِ بأّنْ يَرْزُقُه المَولْى وَلَداَ ذَكَراً يُحَقِّقُ الكُنْيَةَ .

 

وَكانت السَّعادَةُ تَمْلأُ صَدْرَهُ ، وَتُشْرِقُ منْ عَيْنَيه ، وَهُوَ يَسْمَعُ هذا الدَّعاءَ ، فَيَرُدُّ على جُلسائِهِ بِلَهْجَةٍ يَشوبُها الكَثيرُ مِنَ التَّحَدّي :

ـ " هُو في غير ناصيف ؟ "

وَكانَت زَوْجَتُه ، وَهِيَ تُراقِبُ بَطْنَها يَزْدادُ انْتِفاخاً ، تَخْنُقُ جَزَعَها مِنْ إِمكانِيَّةِ تَخْييبِ آمالِهِ ، وَقَدْ خَيَّبَت أَمَلَهُ بِالفِعلِ ، وَدَفَعَتْهُ إلى هَجْرِ المَنْزِل ، وَقَضاءِ لَيْلِه في دارِ قريبٍِ لَهُ .

 

وَكَبُرَتِ الطَّفْلَةُ ، وَبَدَأت تَحْبو ، ثُمَّ تَسيرُ وَتَضْحَك وَتَلْعَب . وَكانَ الأَبُ يَهْرُبُ مِنها إلى الحُقولِ ، أوْ إلى زيارَةِ الأَصْحابِ ، كَيلا يَضْعُفَ أَمامها ، وَيَسْتَجيبَ لِدَواعي العاطِفَةِ الأَبَوْيَّةِ ، فَيَتَخَلّى عَن تَزَمُّتِهِ .

 

لَمْ تَكُنْ بَيْنَ فَتَياتِ القَرْيَةِ مَنْ تُضاهيها جَمالَ شَكْلٍ ، وَحَيَوِيَّةً . وَكَأَنَّها كانَتْ تَتَحَدّى إرِادَةَ والِدِها .

 

وَقَدْ حَقَّقَتِ السَّنواتُ التّالِيةُ للجارِ أُمْنِيَتَهُ الغالِيَةِ ، فَوُلِدَ للأُسْرَةِ رَمزُ الشَّرَفِ والخُلودِ ، وُلِدَ لها ناصيف ، ذَكَراً مَسْلوبَ العافِيَةِ ، ناحِلَ البُنْيَةِ . وَكانَ النّاسُ يُلاحظونَ الفارِقَ الشّاسِعَ بَيْنَ الطِّفلينِ ، وَيَهٌزّونَ رُؤوسَهُمْ ، وَهُم يُرَدِّدون : " هكذا تَنْتَقِمُ الحَياةُ مِمَّنْ يُحاوِلُ أَن يَعْصى ناموسَها " .

 

رجوع

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : المدرسة العربية

 

تاريخ التحديث : 5 حزيران 2003

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية