يواجه العالم اليوم تغيرات كثيرة في جميع المجالات: السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية... الخ. وبالقرية الصغيرة والقرية الكونية التي أطلقها مارشال مالكوهان بعد انتهاء الحرب الباردة، التي غرست جذورها في جميع هذه المجالات واخترقت مجتمعنا وبيوتنا ومؤسساتنا التربوية وحتى ضميرنا لتقول لنا بان لا نستطيع الوقوف شهوداً أمام هذه التغيرات ولا البقاء منعزلين في زوايا الأرض ولا مستقبلين لأوامر مغتربة، بل منفتحين إلى عالم متغير ومجتمع منفتح... نحن أمام تحدٍّ؟

 

وللتربية نصيب الأسد في هذا المجال، فاخترقت العولمة جميع مؤسساتنا التربوية ووضعت الفيروس "العولمي" الذي يسعى إلى تدمير هويتنا وجذورنا وأصولنا وتراثنا... فكما أن التربية عملية تكيف وتفاعل بين الفرد والبيئة فهي مسيرة حياة بجبالها ووديانها وبتلالها وهضابها، بنجاحها وإخفاقها، بقوتها وبضعفها... وأيضاً بتكوين مضادات للفيروسات التي تخترقنا من جميع الجهات...

 

وهنا، مع هذا التغير والتحدي نتذكر قول ديوي المأثور في سنة 1899: "إن التغيير الذي يطرأ على التعليم في مدارسنا، سيمتد إلى مركز الجاذبية، اجل انه تغيير بل ثورة، شبيهان بالتغيير والثورة الذي جاء بهما كوبرنيكوس في علم الفلك، حيثما انتقل محور الفلك من الأرض إلى الشمس. ففي عالم التربية يصبح الطفل الشمس التي محورها تدور نظم التعليم، والطفل وحده في مبادئ التربية هو مركز الجاذبية".

 

أمام هذا الواقع المغاير، نرى الهوة بين الجوهر والواقع، بين النظرية والتطبيق، بين التعليم والتعلم، بين السياسة العامة والتنفيذ الخاص.... هكذا واجه الشعب الأمريكي أمته بشعاره "الأمة في خطر" والصق التهمة الأولى على التربية، فتم التجديد والتغيير وإعادة صياغة النظام التربوي وواجهوا التحديات الآنية. ونتذكر أيضا العالم الكبير في بداية القرن السادس عشر ايرازموس حينما قال : "سلمّني إدارة التربية، ردحاًُ من الدهر، أتعهد أن أقلب وجه العالم بأسره" .

 

ونحن؟ هل نقرأ الواقع المعاصر ؟ هل ندرك هذه التغيرات المتنوعة في المجتمع وفي البيئة التربوية ؟ نحن أمام تحدّ وإلا أصبح الجيل الجديد غريباً مغترباً عن المجتمع والبيئة المحلية. وهكذا ينجح الفيروس العولمي في تخريب الجهاز التربوي وفي تدمير البنية التحتية لرسالتنا التربوية ويتحقق خوف وزير التربية والتعليم الفرنسي فرانسوا باريوا الذي حذر الشعب الفرنسي بقوله: "إن هدف العولمة هو تدمير الهويات القومية والثقافية للشعوب". وكما ذكر صاحب كتاب "السيارة لوكساس وشجرة الزيتون" يصبح هذا الجيل وهذه التربية من أبناء القطيع الالكتروني الذي تحركه الأغنام ذات القرون الطويلة ويسير مع أذيال الأغنام ذات القرون الصغيرة.

 

مجتمع متغير، تربية متغيرة... نحن أمام تحدٍّ

 

رجوع

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

إعداد : الأب عماد طوال

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

تاريخ التحديث حزيران 2002

 

تاريخ التحديث آذار  2009

 

Copyright © 2001 - 2009 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية