نموذج دراسة نص : " أشواق " للشريف الرضيّ

 

نظرة تحليلية في النص :

...يمر الشاعر بلحظة عارمة من الحنين إلى ذكريات  "صبابة" كانت له في "الحجاز" من خلال مواسم الحج...

ويفيض به الشوق حتى يصبح تبليغه للأحبة  "حاجةً ملّحة" ..ويلاحظ المعلّم أن الشاعر يختار "رائحاً" إلى "الحجاز " يحملّه تلك الحاجة .

 

وليس عبثاً أن يصف الشاعر ذلك الرائح بأنه مغذٌّ مسرع , فالحاجة تلح عليه و الشوق يفيض به كما يقول ...فيؤثِّر أن يكون الرائح عل مثل تلك الحال ... شأنه في ذلك شأن كلّ ذي رسالة هامة يريد ان يبلّغها بأقصى ما يستطيع . إنهُ بذلك , يشير إلى فكرة البريد المستعجل قبل أن يوجد البريد المستعجل .

ولكنه يحترس خلال ذلك , فالحاجة التي يحمّلها للرائح ليست شيئاً هيّناً , وإنّما هي عبء ثقيل يحتاج الرائح أن يتناوله بعناية وأن يتكلف له الجهد والحيلة (قال : تحمّل و لم يقل : احمل).

 

وهو إنما يحمّل الرائح سلاماً يبلغه لأهل ( المصّلى ) , والشاعر مرتبط بمكان محدد , أما هواه فليس يحدده .

وهنا يلتفت الشريف التفاتة تدلّ على صدق الوجد ..على نحو ما نجداليوم من صدق الموّدة بين الأم وابنها والأخ وأخيه ...وهم يعبرون عن دور المراسلة في التعبيرعن عواطفهم و "حاجاتهم" بصورة أخرى مختلفة .. المضمون واحد ..أما التعبير فيختلف ...هم يقولون : المراسلة ثلثا المشاهدة . والشريف يرى أن "بلاغ السلام بعض التلاقي" .

أما في "الخيف" فالرائح يحمل أمانة :أنّ الشريف مشتاق أيّ مشتاق  "أن قلبي يفيض بالأشواق" . امتلأ القلب شوقاً فلم يعد فيه لشوق متسع ففاض بالشوق أو فاض به الشوق كما يقول الناس هذه الأيام .

 

والشريف هناك معروف واحتمال السؤال عنه والإطمئنان  عليه قائم (وإذا سُئلت عنّي ) ..ولكنه يبالغ في الرغبة في أن يستثير الأحبّة . فيشكو الهزال إلى حد الموت لعلّه يظفر منهم بزفرة أو أنه شوق .

أما بين جمع (المزدلفة ) ومِنى ، فقد كان للشريف حالة صبابة من الدرجة القصوى ..فهناك ضاع قلبه وظلّ ضائعاً .. وهو يطلب إلى الرائح أن يلتمسه في ليل العيون السود ( الحداق).

 

و الشريف في كلّ ماتقدّم يؤكد لنا أنه محب مدنف .وتعلّقه بأماكن محددة مع مايعتريه من حالات شوق متميزة لكل منها , يؤيد ذلك.. ولكنه يظل يتمسك بسرّ الحب لا يبوح به إلى حد ذكر الأسماء , فهو متيم و لا ندري من تيّمَهُ . وقد يسأل عنه بالخيف ولكن لا نعرف من يسأل . وذلك , من الشريف , إيحاء مثير , وهو علامة على الفن الشعري الأصيل الذي لا يقول لك كل شيء ويوحي لك بشيء كثير.

و الحبّ ، خفقان القلب الضائع ...تجرية مشتركة بين بني الإنسان جميعاً, وهي كالبر والتقوى يتعاونون عليه ويتعاورون عليه .

وابكِ عنّي فطالما كنت من قبل            أعير الدموع للعشّاق

 

ونعود إلى التساؤل :

هل يتعفف الشريف عن البوح و ويتكتم على الأحبة ؟

وهل هذا سر الإكتفاء بذكر المواضع ؟ أم أن مَرَدّ الأمر إلى طبيعة التجربة في ذاتها , فقد كان الشريف يغدو إلى الحجاز في مواسم الحجّ, وهناك كان يتاح له اللقاء العابر بفنون الجمال من كلّ قطر . وهو جمال لا تتيح له اللحظة القصيرة أن يتحدد أو يتبين أو ينتسب , ويكون تعيُّنه  أو تعرفه في نفس الشريف من خلال  "المكان " الذي عرض فيه اللقاء .

 

 

المصدر : الأساليب مناهج ونماذج في تعليم اللغة العربية .

الدكتور نهاد الموسى

الطبعة العربية الأولى : الإصدار الأول 2003

الصفحات (277 - 278)

 

رجوع

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : المدرسة العربية

 

تاريخ التحديث  أيلول 2004 

 

 

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية