لقد قام "بدرو الفونسو" بترجمة ثلاثين أقصوصة من العربية إلى اللاتينية تحت عنوان غريب وهو "تعليم العلماء" Disciplina clericalis فيه أورد هذه القصص نقلاً عن العربية، ومن بينها قصة امرأة خانت زوجها الغائب الذي عاد فجأة وكانت مع عاشقها وأمها؛ فأخفت العاشق في المخدع. ولكن الزوج أراد الراحة في السرير، فأنقذت الأم الموقف بأن قالت: لا بد لك أن ترى الملاءة التي نسجناها، وبسطت الملاءة أمام الزوج الساذج، وغطت بذلك نظره عن رؤية العاشق الذي تسلل مختفياً من وراء الملاءة! وهي قصة قد انتشرت في الأدب الأوروبي.

 

 

 




و
لم يقتصر الأمر على طريقة النظم، بل وأيضاً امتد التأثير العربي في نشأة الشعر الأوروبي إلى طريقة علاج الموضوعات. ففكرة الحب النبيل
Amorcortes التي تسود الغزل في الشعر البرفنصالي، نجد أصلها في الشعر الأندلسي بل وفي أزجال "ابن قزمان"، كما يؤكد هذا "منندث بيدال" أشد الباحثين حماسة في توكيد تأثير الشعر العربي، الموشح والزجل، في نشأة الشعر الأوروبي في نهاية العصر الوسيط.


وإذن فلا يقتصر التأثير على بعض موضوعات: مثل المغامرات الغرامية الشائكة أو الفاضحة، والإهداء إلى حام، وافتخار الشاعر بنفسه، كما اقتصر على ذلك "الفرد جانروا" في بيانه لتأثير الشعر الأندلسي العربي في شعر الشعراء التروبادور الأوائل، بل امتد في نظر "بيدال" Pidal إلى جوهر هذا الشعر التروبادوري، أعنى فكرته في الحب النبيل Amor cortes إذ يرى بيدال أن هذه الفكرة قد عرضها "ابن حزم" في "طوق الحمامة" وأنها كانت فكرة سائدة عند أهل الظاهر في نظرتهم إلى الحب، إذ نجدها قبل ذلك في كتاب "الزهرة" لمحمد بن داود بن خلف الظاهري المتوفى سنة 297هـ‍ الذي دعا إلى فكرة الحب الأفلاطوني، وسماه الحب العذري.

وكذلك نجد فكرة الحب العذري في شعر
"الحكم الأول" (المتوفى سنة 206ه‍). كما نجده في شعر "ابن زيدون" حين يقول في "ولادة":
تِه: أحتَمِلْ، واستطِلْ: أصبِرْ، وعِزَّ: أُهنْ، ووَلِّ: أُقْبِلْ، وقُلْ:أسمَعْ، ومُرْ:أطِعِ.
وإذا انتقلنا من تأثير الشعر إلى تأثير القصص وجدنا للقصص العربية تأثيراً ظاهراً في تطوير بل ونشأة الأدب القصصي في أوروبا.

 

 

 

 

ومن أخرى أثرت "كليلة ودمنة" في الأدب بعد أن ترجمت في عصر "الفونسو الحكيم" حوالي سنة 1250إلى الأسبانية، كما ترجمت بعض القصص التي تسربت من "ألف ليلة وليلة" إلى الأندلس، ومنها "حكاية الجارية تودد" التي ترجمت إلى الأسبانية في القرن الثالث عشر وأثرت بعد ذلك حتى في "لوب دى فيجا" أكبر كتاب المسرح الأسباني.

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

إعداد  : المدرسة العربية

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

تاريخ التحديث : أيلول  2004

 

 

Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية