التعليق:

الغربة قد تكون في المكان إلا أنها تغدو أعمق عندما تفصل الإنسان عمن حوله وتصبح نفسه بعيدة عن نفوسهم ورؤاه مباينة لرؤاهم , عندها تتقطع الأسباب ,ويحس المرء بالضيق وتقفر السبل أمامه لأنه يشعر بعدم جدوى الحركة إذ لا تنتهي إلى الآخرين الذين يتحركون في إتجاهه ,وههنا يبحث الشاعر السياب عن البديل لحالة الإغتراب النفسي هذه فيجده في الأرض التي نبت فيها واغتذى بصلات أهلها و الدفء يحيط به , إن العيون المحبة الفياضة بالصداقة الصافية , تجعل الطبيعة تحنو هي الأخرى وترفق بالإنسان وتعطيه الحب ّ, وتفرد غدائر شعرها في الأصيل ,ويشمخ النخل عالياً لكنه يعطي ثماره ,إن ذكريات الشاعر عن قريته وأهلها وداره تتمثل له وهو في دار الغربة وقيمتها المادية التي تحوّل الإنسان إلى آلة  أو ما يشبه الآلة .
 

غربة  الروح

 

يا غربةَ الروح في دنيا من الحَجَر

و الثلج و القار و الفولاذ و الضجر ِ,

يا غربة الروح ... لا شمس ٌ فأأتلقُ

فيها ولا أفقُ

يطير فيه خيالي ساعة َ السَّحَر ِ .

نارٌ تضيء الخواء البرد’ تحترقُ

فيها المسافات, تًدنيني , بلا سَفَرِ ,

من نخل جيكورَ أجني دانيَ الثَّمَرِ .

نارٌ بلا سَمَرِ

إلاّ أحاديثَ من ماضيَّ تندفقُ

كأنهنّ حفيفٌ منه أخيلةٌ

في السّمْع باقية تبكي بلا شَجَرِ .

ياغربةَ الروح في دنيا من الحَجَر!
 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : المدرسة العربية

المصدر بتصرف : منشورات جامعة حلب -  اللغة العربية لغير المختصين / الكتاب الثالث

تاريخ التحديث : أيلول  2004

 

تاريخ التحديث : حزيران 2009

Copyright © 2001 - 2009 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية