الطيب الصالح

تقديم :

   تأصيل أم تجريب؟

تشيع حاليا في النقد الروائي العربي مصطلحات مثل : التراث والحداثة ، والتأصيل والتغريب ،،، غير أن توظيف هذه المصطلحات في علاقتها بالنص الروائي ، لايستند في الأغلب إلى خصوصية ما تقدمه الرواية العربية ، ولكن إلى مشاكل حيوية يخوض فيها الفكر العربي الحديث . لذلك تتم معالجتها من منظور تقييمي وموقفي . ولما كانت لنا نظرة مختلفة إلى مثل هذه القضايا ، إيمانا منا بأن اتخاذ المواقف وأحكام القيمة هما معا من محصلات رؤيات مسبقة عموما ، وليسا مقدمات للبحث والتحليل ، ارتأينا تجاوز هذه التصنيفات الثنائية لما فيها من اختزال وتعميم .
 

إننا نذهب في مسار آخر ، ونعتبر تجربة التأصيل يمكن أن تكون حداثة ، كما يمكن لمغامرة روائية تجريبية أن تصب في مجرى التأصيل الروائي ،،، وهكذا . فالتجربة الروائية المتطورة والمبدعة تكتسب خصوصيتها من مدى قدرتها على

تحقيق مستوى من " الإبداعية " يؤهلها للتفاعل مع الواقع والعصر ، سواء تحقق ذلك من خلال استلهام التراث ، أو تجريب تقنيات جديدة . ولا مشاحة في أن المادة الحكائية أوالتقنية التجريبية ليست هي التي تحقق للرواية وحدها طابعها "الروائي " أو" السردي" في بعديه التأصيلي أو التجريبي . إن لصناعة الكاتب وقدرته الفنية على الإبلاغ والإمتاع ، دورهما الأساسي في إضفاء الطابع الفني والجمالي على العمل الروائي أو الأدبي .

   

انطلاقا من هذه الرؤية ، نرمي إلى تجاوز التصنيفات الجاهزة ، ونعانق جمالية الرواية لنكشف عن مكامنها ومميزاتها، وما يجعل منها جديرة بأن تكون رواية فعلا ، تسهم في إثراء المجال الأدبي العربي ، وتنفتح على قضايا الإنسان والمجتمع العربيين  بناء على ما تزخر به من مقومات جمالية وتعبيرية . وفي هذا المضمار أبادر إلى القول بأن رواية " عرس الزين " (1) للطيب صالح تتوفر على جانب أساسي من هذه المقومات وعلينا أن نضطلع بالبحث والكشف عنها من خلال الاشتغال ببعض عناصرها الدالة على ذلك .

 

واقع أم تراث ؟ 
على غرار التصنيفات الثنائية ، ومن ذيولها يسود الاعتقاد بأن الرواية حين تعانق التراث تكون بذلك تساهم في التأصيل لأنها تبتعد عن الحاضر ، وتنغمس في الماضي أو التاريخ . ويظهر ذلك بجلاء من خلال استعمال اللغات العتيقة وأساليب الحكي التقليدي أو  بواسطة توظيف المادة التاريخية أو تقنيات مستمدة من أجناس الكلام العربي القديم . وكل الروايات المعالجة في نطاق " التأصيل " والتراث تتوفر على بعض هذه السمات التي  تظهر بصورة أو بأخرى . وتعتبر الرواية تجريبية أو " تغريبية " حين  توظف عوالم تتصل بالعصر الحاضر ( هنا ـ الآن ) وبلغات جديدة ، وتقنيات حديثة .


1 .  عرس الزين، الطيب صالح ، دار العودة ، بيروت ، الطبعة الثالثة ، 1970.

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد :  أ. عبد الله عزايزه      
مدرس لغه عربيه / مدرسة  دبوريه الثانويه

 

تاريخ التحديث : آذار 2003

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية