في قَرْيَةٍ مِنْ قُرى عُمانَ ، وُلِدَ لِرَجُلٍ اسْمُهُ أحْمَدٌ مِنْ قَبيلةِ الأَزْد ، وَليدٌ سُمّيَ بِالخَليلِ سَنَةَ مِئَةٍ لِلْهِجْرَةِ .

 دَرَجَ الخَليلُ بْنُ أَحْمَدَ في تِلْكَ القَرْيَةِ حَتّى هاجَرَ أَهْلُهُ إلى مَدينَةِ البَصْرَةِ ، وَفيها شَبَّ وَتَرَعْرَعَ في مَجالِسِ أَهْلِ العِلْمِ والمَعْرِفَةِ ، فَنَبَغَ في عُلومِ اللُّغَةِ حَتّى قيلَ عَنْهُ أَنَّهُ أذْكى عُلَماءِ اللُّغَةِ ، وَهُوَ مِفْتاحُ عُلومِها .

 

فَالخَليلُ أَوَّلُ مَنْ دَرَسَ أَصْواتَ اللُّغَةِ وَصِفاتِها ، وَأَبْدَعَ أَوَّلَ مُعْجَمٍ لُغَويٍّ شامِلٍ هُوَ كِتابُ (العين)، وزيادَةً على مَوْسوعَتِهِ اللُّغويَّةِ . فَهُوَ أَو‍َّلُ مَنْ دَرَسَ موسيقى الشّعْرِ العَرَبيّ وَحَصَرَ أوْزانَهُ في خَمْسَةَ عَشَرَ بَحْراً , وله من الكتب: كتاب العين في اللغة وكتاب العروض وكتاب الشواهد وكتاب النقط والشكل وكتاب النغم وكتاب العوامل. 

 

كانَ الخَليلُ بْنُ أحْمَدَ الفَراهيدِيُّ زاهِداً بعيداً عَنْ تَرَفِ الحياةِ وَمَسَرّاتِها ، على الرَّغْمِ مِنْ مَنْزِلَتِهِ العالِيَةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّلْطانِ . وهو القائِل :

وَكَذا التَواضُعُ لا يَضُرُّ بِعاقِلِ

لَيْسَ التَطاوُل رَافِعاً مَنْ جَاهِلِ


وَمِمّا يُذْكَرُ عَنْهُ ، أَنَّ سُلَيمانَ بْنَ حَبيبٍ المُهَلَّبيّ ، أميرَ الأحْوازِ ، كانَتْ تَجْمَعُهُ بِهِ قَرابَةٌ لأَنّهُما مِنْ قبيلةِ الأَزد ، فَأَرْسَلَ إليْهِ رَسولاً قالَ لَهُ :

ـ"إِنَّ مَوْلايَ الأميرَ سُلَيْمانَ ، قَدْ بَحَثَ عَنْ أَديب يُلازِمُ مَجْلِسَهُ وَيُنادِمُهُ ، وَيُؤدِّبُ أَوْلادَهُ وَيُعَلِّمُهُم ، فَلَمْ يَرَ أَلْيَقَ بِذلِكَ مِنْكَ ، فَأَرْسَلَني لأَحْمِلَكَ إلَيْهِ مُعَزَّزاً مُكرَّماً ، وَهَذِهِ مِئَةُ ألْفِ دِرْهَمٍ أَرْسَلَها إليْكَ الأميرُ على سَبيلِ الهَديَّةِ" .

 

نَهَضَ الخَليلُ وَذَهَبَ إلى خِزانَةٍ في البَيْتِ ، وَأَخْرَجَ مِنْها كِسْرَةَ خُبْزٍ ، ثُمَّ عادَ إلى رَسولِ سُلَيْمانَ وقالَ :

ـ ما دامَتْ هذِهِ في بَيْتي ، فَلَسْتُ بِحاجَةٍ إلى الأمير ، فَحاولَ رَسولُ سُلَيْمانَ أَنْ يُقْنِعَ الخَليلَ وَيُغْريهِ بِالذَّهابِ مَعَهُ ، لَكِنَّ الخَليلَ أبى أَنْ يَتْرُكَ تَلاميذَهُ وَمَدْرَسَتَهُ  , فَقالَ لَهُ رَسُولُ سُلْيمان : " فَما أَبْلَغَه ؟ " فَأنْشَاَ يقول :

وَفي غِنىً غيرَ أنـي لَسْتُ ذا مـالِ

أبْـلِغ سُلَيْـمانَ أني عَنْه في سَعَــةٍ

يَمُـوتُ هَـزْلاً ولا يَبْقى عَلى حَـالِ

سَخَـاً بَنَفسي إِنِـي لا أَرَى أَحَــداً

وَمِثل ذاكَ الغِنى في النَفْسِ لا المال

والفَقْرُ في النَفسِ لا في المالِ تَعْرِفهُ

وَلا يَزِيـدُكَ َ فِيـهِ حَـوْلَ مُحْتـَالِ

فـالرِزْقُ عَنْ قَدْرِ العَجْـزِِ يَتْقُصـُهُ

وَقَدْ تُوُفي رَحِمَهُ اللّهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعينَ وَمِئَةٍ لِلْهِجْرَةِ .

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير: المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

إعداد  المدرسة العربية

 

تاريخ التحديث كانون الثاني 2003

 

تاريخ التحديث شباط 2004

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية