تشكل شبكة الإنترنيت منذ تسعينيات القرن الماضي أساساً متنامياً، كماً ونوعاً، لمجتمع المعلومات الرقمي العالمي، وهي شبكة متطورة ومزدهرة باستمرار، ولم يكن يخطر ببال أي من العلماء الذين أشرفوا على بناء التجربة الأولى لهذه الشبكة (أربانت) أن تصل الشبكة التي وضعوا لبناتها الأولى إلى هذه المستويات النوعية والكمية التي وصلت إليها، فقد تجاوز عدد مستخدمي الشبكة رقم /391/ مليوناً، ومن المتوقع وصول عدد المستخدمين عام 2003 إلى /774/ مليوناً، وأمام هذا الحشد الهائل من المشتركين الذين يستطيعون في أية لحظة متابعة كل شيء بدءاً من البرامج المدرسية بالقرب من منازلهم، وحتى الأخبار الاقتصادية أو وقائع المؤتمرات العلمية التي تعقد على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، فإن أي مشترك على الشبكة يستطيع الإدعاء أنه جار لأي مشترك آخر في العالم، حيث أن رسائله تصل بثوان معدودات، كما يمكنه متابعة كل ما يحدث من تطورات لدى هذا الجار عبر موقعه الشخصي أو المهني، ومن هنا أصبح يحق لنا أن نطلق على الإنترنيت تسميات عديدة: العالم السيبراني ـ الشبكة العالمية ـ الفضاء الرقمي·· إلخ، ولكننا سنعالج هذا الموضوع هنا انطلاقاً من أنها تشكل مجتمعاً رقمياً عالمياً، وهذه المسألة تثير مشكلات أخلاقية عديدة، فقد أطلق محبذو الإنترنيت على شبكتهم اسم (القرية العالمية) انطلاقاً من أملهم في أن تسودها روح المسؤولية الجماعية التي تتحلى بها القرية، إلا أننا نرى أن هذا الأمل، وإن كان مشروعاً، فهو لا يعبر عن الواقع الحالي بدقة، وهو الذي نستطيع أن نصفه بدقة أكبر إذا أخذنا تسمية (المدينة العالمية)، حيث يلتقي الإنسان أشخاصاً عديدين لايعرفهم، ويستطيع أن يناقشهم ويحاورهم ويتعرف إليهم، وقد يجري معهم صفقات اقتصادية· كما أن الإنترنيت شبكة لايقودها مركز واحد بل هي شبكة يتمتع فيها الجميع على قدم المساواة بالحقوق نفسها، وهي شبكة لا توجهها أية جهة سواء من حيث مضمون المواقع أو شكلها، وكل ذلك أشبه بطابع المدينة منه بطابع القرية .

 

وتعاني هذه المدينة الكونية التي تشكل المجتمع الرقمي العالمي من مشكلات متزايدة تقنية وأخلاقية واجتماعية، وتشريعية، فلا يوجد تشريع واحد يمكن تطبيقه على الإنترنيت حتى لو اتفق عليه معظم سكان العالم، فهي شبكة لا يحكمها أحد، وفي هذه الحالة سيكون ميثاق الشرف لمجتمع المعلومات هو العامل الأهم في تطوير الشبكة باتجاه اجتماعي أخلاقي مفيد للمشتركين وللمجتمع الرقمي العالمي كمجموع .

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

إعداد: الباحث هشام محمد الحرك

 

تاريخ التحديث: أيلول 2003

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية