إعادة النظر في مخططات إصلاح البرامج التربوية

يزداد وعي الناس بأن تحسين التعليم هو أفضل طريقة لزيادة الرخاء ، والصحة والحفاظ على السلام . ولكن لا يوجد إجماع على كيفية إيجاد سكان متعلمين ، ولا حتى على معنى وجود سكان متعلمين . هل بالإمكان قياس التقدّم نحو سكان متعلمين عن طريق إحصاء عدد الناس بالمدارس ؟ عن طريق عدد السنوات التي يقضونها في المدارس ؟ عن طريق تقييم درجاتهم وفق امتحانات قياسية .
 

إن كل دولة من دول العالم لديها خطط للإصلاح التعليمي ، لكن مبادرات الإصلاح في معظم الحالات سطحية ولا تعالج أساس المشكلة . إن هذه المبادرات في كثير من الأحيان تقدّم أشكالاً جديدة من التقييم والاختبار ، إلا أنها لا تحدث تغييراً جاداً بخصوص المناهج الموجودة أصلاً ، واستراتيجيات التعليم المتبعة . إذن نحن بحاجة إلى إعادة تشكيل الإصلاح التعليمي نفسه (الأهداف والمحتوى والأنشطة والوسائل والإجراءات وأساليب التقويم) .

 

إعادة النظر حول كيفية حدوث التعلّم

 

علينا القيام بشكل أساسي بإعادة تنظيم غرف الصف في المدارس ، فبدلاً من النموذج الذي يمتاز بأسلوب التحكم المركزي (معلم يقدّم المعلومات في غرفة مليئة بالطلاب) ، علينا أن نسلك طريقاً في التعلّم أكثر إبداعاً وجرأة وتجديداً . فبإمكان الطلاب أن يصبحوا أكثر نشاطاً واستقلالية ، وذلك عندما يقوم المعلّم بأداء دور المستشار لا دور المدير . بدلاً من تقسيم المنهاج إلى أنظمة منفصلة (الرياضيات ، العلوم ، الدراسات الاجتماعية ، اللغات) ، علينا أن نركز على الأفكار الأساسية والمشاريع التي تشترك فيها تلك المواضيع ، وذلك مع الاستفادة من مزايا وجود روابط قويّة بين أنواع المعارف المختلفة ، وبدلاً من القيام بتقسيم الطلاب حسب أعمارهم ، علينا أن نشجع الطلاب من مختلف الأعمار على العمل معاً في المشاريع ، كي نمكنهم من التعلّم من بعضهم البعض . وبدلاً من تقسيم اليوم الدراسي إلى أجزاء (ساعات) ، علينا أن نترك الطلاب يشتغلون بالمشاريع لفترات مناسبة ، وذلك لتمكينهم من متابعة الأفكار التي تبرز في أثناء دراستهم بشكل أعمق .
 

إعادة النظر حول ماذا يتعلّم الناس – المحتوى –

 

إن الكثير ممّا يتعلمه الأطفال في المدارس اليوم ، قد صمم لمرحلة (الورقة والقلم) . علينا أن نقوم بتحديث المناهج بحيث تتناسب مع العصر الرقمي . إن السبب في ذلك واضح : وهو أن المدارس يجب أن تزود الطلاب بالأفكار والمهارات الجديدة المطلوبة للعيش والعمل ضمن مجتمع رقمي . كما يوجد سبب آخر : وهو أن التكنولوجيات الجديدة لا تغيّر الأشياء التي يجب تعليمها للطلاب فحسب ، بل أيضاً الأشياء التي بإمكانهم تعلّمها . هناك العديد من الأفكار والمواضيع الهامّة ، إلا أنها كانت لا تدخل ضمن مناهج المدارس التقليدية ، وذلك بسبب الصعوبة الكبيرة في تعليمها وتعلّمها بواسطة الأوراق والأقلام والكتب واللوح فقط . إن بعض هذه الأفكار قد أصبحت الآن أكثر سهولة من خلال الاستعمال المبدع للتكنولوجيا الرقمية الجديدة . إن بعض الأفكار التي كانت في السابق لا تطرق إلا على مستوى الدراسة الجامعية ، بالإمكان بل ويجب أن يتم تعلّمها قبل ذلك . وأخيراً ، بل ربما كانت هذه الفكرة هي الأهم ، علينا أن نعمل على إحداث تحوّل على المناهج بحيث يقل التركيز فيها على الأشياء التي تجب معرفتها – المعرفة – ، ويزيد التركيز فيها على وضع استراتيجيات لكيفية تعلّم الأشياء التي لا نعرفها . طالما أن التكنولوجيا الحديثة مستمرة في تسريع مسار التغيير في جميع مناحي حياتنا ، فإن نجاحنا في أن نتعلّم كيف نصبح نوعاً أفضل من الدارسين ، أهم بكثير من أن نتعلّم كيف نجري عمليات ضرب الكسور ، أو أن نحفظ عواصم العالم .

 

إعادة النظر حول مسألة متى وأين يتعلّم الناس

يبدو أن معظم مبادرات الإصلاح التعليمي تفترض أن التعلّم يحدث فقط في السن ما بين 6 – 18 وما بين الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة الثالثة بعد الظهر ، أي في الوقت الذي يكون فيه الأطفال في المدارس. إلا أن المدارس ليست إلا جزءاً من نظام تعليمي أوسع .

في العصر الرقمي فإن التعلّم يمكن أن يصبح ، بل يجب أن يصبح خبرة لا تسعى إلى تحسين فرص التعلّم في المدارس فحسب ، بل وفي البيوت والمراكز الاجتماعية والمعارض وأماكن العمل . في السنوات القادمة سوف تعمل الأنترنت على إيجاد فرص جديدة للتعلّم ، تعمل على تمكين أنواع جديدة من المعرفة من بناء المجتمعات التي يتم فيها تعاون كل من الأطفال والكبار من حول العالم على أنجاز المشاريع والتعلّم من بعضهم البعض .

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net  تاريخ التحديث:  نيسان 2002
   

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية