مسرحية مجنون ليلى (أحمد شوقي)

 

قراءة لمسرحية مجنون ليلى /  د.أحمد هيكل

 

وقد كان المؤلف مرفقا حين جعل نصب عينيه – في كثير من الأحيان – شعر البطل نفسه، فكان يعتمد على معانيه حينا، كما كان يقتبس بعض نصوصه حينا آخر (2) مما جعله أكثر تعبيرا عن حقيقة البطل وواقعة لتاريخي والنفسي .

 

وحتى المشاهد الغنائية والإنشادية، كانت في هذه المسرحية أجود واكثر التصاقا ببنائها وأعظم خدمة لجوها .

 

ولا ينسى من عوامل نجاح هذه المسرحية وروعة بعض موافقها، ما كان من ازدياد خبرة المؤلف أفادته من نقد النقاد لكتابته المسرحية السابقة على هذه المسرحية .

 

غير أنه يؤخذ على "مجنون ليلى" أن المؤلف قد اعتمد على بعض الحكايات غير المعقولة، أو التي لا تخدم المسرحية ولا هدفها مثل حكاية احتراق قيس بالنار وهو لاه عن نفسه أثناء حديث له مع ليلى، حتى مست النار لحمه دون أن يحس ومثل قصة رفض قيس أن يطعم من شاة لأنها كانت منزوعة القلب. مثل حكايات كثرة إغمائه وإفاقته، التي تظهره متهافتاً ضعيف الشخصية في بعض الأحايين(3).

 

كذلك يؤخذ على المسرحية، أن المؤلف قد جعل بعض الشخصيات تتصرف تصرفات مخافة للعرف. فمثلا نرى (ورد) في المسرحية – وهو زوج ليلى – يبيح لقاء قيس واختلاءه بصاحبته في بيت الزوجية، وهذا غير مألوف(4)، مهما قصد به الرشادة بنبل العرب وسماحتهم ووالد ليلى حين يتقدم إليه ابن عوف ملحا في إتمام زواجها من قيس، يترك الخيار لها لتبدي رأيها، فترفض إيثاراً للتقاليد، وهذه من المبالغات المفرطة، مهما أريد الإشادة بمنح الأب العربي الحرية للبنت ومهما قصد إلى الإشادة برعاية البنت للتقاليد ... وليلى في مشهد سمر ليلى نراها تقدم ابن ذريح لصواحبها وتقدمهن له، تماما كما تفعل الفتيات الحضريات في العصر الحديث في بعض النوادي أو حفلات السمر .
 

وكل هذا مما يخرج المواقف عن طبيعتها المألوفة، ويصرفها عن توقعاتها المنتظرة ومأخذ أخير على "مجنون ليلى" وهو أن الصراع النفسي فيها ليس واضحا بالقدر الذي كان من الممكن أن يتحقق. ففي المسرحية مواقف تتيح فرصة تجليدية هذا الصراع، وبيان كيف تتصادم المشاعر في داخل النفس الإنسانية.
 

ومن أهم هذه المواقف موقف ليلى،وقد عرض عليها إبداء رأيها في الزواج من قيس. فان المؤلف قد جعل البطلة تعبر في يسر وإيجاز عن رفضها إيثاراً للتقاليد، وكل ما نحسه منها هو مجرد الندم على هذا التصرف بينما كان من الممكن في هذا المجال تصوير صراع الحب والتقاليد في أعماقها، واصطدم صوت القلب بصوت العقل في داخلها، وحرب العرف الجامد للتطور المرن في وجدانها. ووسائل تجلية هذا الصراع كثيرة يعرفها المتمرسون بصناعة الكتابة المسرحية، فهنالك النجوى الداخلية للذات، وهناك الإفضاء والمسارة إلى من يؤتمن على السر،ثم هناك الحلم، وما إلى ذلك من الوسائل التعبيرية المسرحية الكثيرة.

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : أ. عبد الله عزايزه       -    مدرس لغه عربيه / مدرسة  دبوريه الثانويه

 

تاريخ التحديث : أيلول 2004

Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية