ثانياً: التمهيد 

بدأ اهتمامُ الإنسانِ بالجوِّ وتقلّباتهِ من قديم الزَّمنِ ، خُصوصاً بينَ الرُّعاةِ والملاّحين وأمثالِهم مِمَّنْ يتأَثرُ عملهم بالتّقلّباتِ الجويةِ . وقدْ ولدت فيهم التغيُّراتُ الطبيعيةُ القُدرةَ على التّنبؤ بالأجواءِ المحليّةِ ، فكانوا يَرْصِدونَ الحالةَ السائدة للجوِّ . وبوساطة تلكّ المُشاهدات المبنيَّة على طولِ المرَانَ ، وعلى قَدْرِ من الخبرةِ، استطاعوا أنْ يُكوِّنوا فِكرةً عن التغيُّرات الجويةِ المنتظرةِ . ولا تزيدُ الطرقُ الحديثةُ عن ذلك إلاَّ بما امتازت به من استخدامِ النظرياتِ العلميةِ ، وانساع عملياتِ الرصدِ اتساعاً وَسِعَ سطحَ الأرض بأكمله ، فبدلاً من أنْ يقتصرَ المُتنبىءُ الجوي على ما يحيطُ به من ظواهرَ ، أصبحَ يعتمدُ على خرائطَ تحوي وصفاً شاملاً ، وقياساتٍ دقيقةً لعناصرِ الجوِّ على معظمِ سطحِ الأرضِ ، وفي أجوائها العُليا ، وبدلاً من أن يركن في أعمالهِ على الخبرةِ والقياسِ فقط ، أصبحَ يجدُ في متناولِ يدهِ ما يحتاجُ إليه من النظرياتِ العلميةِ السليمةِ ، والأُسُسِ الطبيعيةِ التي تُفسِّرُ تقلباتِ الجوِّ .

 

وتُعَدّ فترةُ ما بينَ الحرْبينِ العالميّتين ، الأولى والثانيةِ ، من الفتراتِ الهامة التي تطوَّر خلالها عِلمُ الرصدِ الجويِّ تطوُّراً كبيراً من الناحيتين : النظريةِ والتطبيقيّةِ . وكان من آثارِ تقدُّم الطيران التجاريِّ واستخدامهِ كوسيلة سريعةٌ من وسائلِ النقلِ والتجارةِ ، أن انتظمتْ عملياتُ الرصدِ ، وتنوَّعت الأجهزةُ وزادَ الاهتمامُ بالطبقاتِ العليا ، واستُخدِمتْ أَجهزةٌ عديدةٌ في غزوِ تلك الطبقات كالأجهزةِ الالكترونيةِ ، والصواريخِ ، وأجهزةِ الرادارِ(1) التي يُعدُّ استخدماها نقطةَ تحوُّلٍ خطيرٍ في علمِ الأرصادِ الجوية .

 

وعِلمُ الرصدِ الجويِّ لا يخرجُ عن كونِهِ عِلمَ استنباطِ النُّظُمِ والقواعد الطبيعيةِ التي تخضعُ لها تقلباتُ الجوِّ ، وتسيرُ عليها ظواهرُها المختلفةُ . وتُستنتجُ تلكَ القواعدُ والقوانينُ بتحديدِ عناصرِ الجوِّ في ساعاتٍ معيّنةٍ من كلِّ يومٍ ، وتوقِيعها على خرائط خاصةٍ ، هي خرائطُ التنبؤ الجويِّ ، ثمَّ ملاحظةِ أسبابِ تغيُّرِ هذه العناصرِ من آنٍ لآخرِ . وبهذا يُمكنُ وضعُ أساسِ التنبؤ الجويِّ، فإذا عُرفتْ أسبابُ ظاهرةٍ جويةٍ خاصةٍ ، وما سبقها من ملابساتٍ طبيعيةٍ ، أمكنَ غالباً التكهُّنُ بها قبل حدوثِها . تتم عمليات الرصد في أمكنة موزعة على سطح الكرة الارضية في بلدان العالم المختلفة وهذه الأماكن هي "محطات الرصد الجوي" .

 


(1) الرادار : جهاز يستعمل لاكتشاف أماكن الأشياء المعدنية وتحديدها ، يساعد الطائرات والسفن على تجنب حوادث الاصطدام ، ويستعمل في الحروب لمعرفة مواقع معدات العدو .

 

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

إعداد :  أ. خالد الشحام

 

أ. سليم حمام

 

تاريخ التحديث : شباط 2004

 

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية