ثانياً: التمهيد 

ولكلٍّ من المناخ والطقسِ تأثيرُهُ الخاصُّ  في الكائناتِ الحيّة بما فيها النباتُ والحشراتُ ، فالمناخُ هو العامل الأساسيُّ الذي يتوقفُ عليهِ توزيعُ عالمِ النباتِ على سطحِ الأرضِ . ويرجَعُ إلى الطقسِ نجاحُ المحاصيلِ الزراعيةِ ونموُّها . ولقد فطنتْ الأمم التحضرةُ إلى أهميّةِ العواملِ الجويّةِ في إنتاجِ محاصيلٍ وفيرةِ جيّدةٍ ، فأَنشأَتْ مكاتبَ الأرصادِ الجويةِ لخدمةِ الزراعةِ وتطويرها، تذيعُ نشرةً يوميّةً عن الطقسِ ، وتُصدِرُ خرائطَ يوميةً موزعاً عليها الضغطُ الجويُّ اليوميُّ ، وتظهرُ فيها حالةُ الرياحِ ، ومقاديرُ الأمطارِ ، وهي عظيمةُ الفائدةِ للمزارعينَ إذا تفهّموها.

 

ويحرصُ الطيارونَ على أنْ يُزوَّدوا بوصفٍ تفصيليٍ لطبيعةِ الجوِّ السائدةِ على طولِ الطريقِ ، أو فوقَ الساحةِ الأرضيةِ التي يُريدونَ عبورها ، وبخاصةٍ المكانُ الذي يُحَلِّقون حولَهُ ، أو يهبطونَ فيه . ويعينهم أن نبين لهم المناطقُ التي قد يُجابهونَ فيها الاضطرابات الجويةَ لتلافي خطرِها . وهم يهتمّونَ بسرعةِ الرياحِ ، واتجاهها فوقَ سطحِ الأرضِ ، وفي طبقاتِ الجوِّ العليا ، وبكمياتِ السُّحُبِ ، وأنواعِها وارتفاعِ قواعِدِها عن سطحِ الأرضِ ، لأنَّها قد تَححُبُ المُرتفعاتِ والمباني العاليةَ ، فتؤدِّي إلى ارتطامِ الطائرةِ بها . ومن أجلِ ذلك اختُرعِ الطيرانُ الآلي الذي تُوجَّهُ فيه الطائرات باستخدامِ أجهزةِ الرادار .

 

ويلعبُ عِلمُ الأجواء دوراً كبيراً في خدمةِ الجيش إيّانَ السِّلْمُ والحرب ، وبخاصة في سلاحي الطيرانِ والبحريّةِ ، وتؤخذ سرعة الرياح بعين الاعتبار عند تحديد مدى القذائف النارية المختلفة ، وتخيُّرِ أحسنِ الظروفِ المُلائمةِ للعملياتِ الحربيةِ المُختلفةِ . ولو أن هذا السر أصبح صعب الإخفاء في هذه الأيام مع تقدم علم التنبؤ الجوي.

 

ومنَ الأمثلةِ التاريخيةِ التي استخدمت فيها الظروفُ الجويةُ فِرارُ نابليون من بين يَديَ الأميرالِ (نِلسُن) الإنكليزي ، تحت ستارٍ من الضبابِ ، كان يُغطّي شرقَ البحرِ المتوسطِ . وكذلكَ اختارَ الألمانُ في أَثناءِ هجومهم على بولندا في الحربِ العالميةِ الأخيرةِ نحو عَشَرَةِ أيَّام لا مطرَ فيها ، ولا اضطراباتٍ جوية ، مكّنتهم منْ إنجاز عملياتهم الحربيةِ بأَسرعِ ما يمكن . ومنَ الطّريفِ في ذلكَ أنَّ (قمبيز) ملكَ الفُرس ، لما أرادَ فتحَ (سيوة)(5) ثارتْ على جيشةِ رياحُ الخماسينِ المعروفةُ أياماً متواليةً في قلبِ الصحراءِ الغربيةِ فأَهلكتهُ . .
 


 


(5) سيوة : واحة في صحراء مصر الغربية قرب الحدود الليبية .

 

الطقس والمناخ

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

إعداد :  أ. خالد الشحام

 

أ. سليم حمام

 

تاريخ التحديث : شباط 2004

 

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية