من أسرة نووية (ذرية) إلى أسرة مخترقة  


أما أسرة اليوم المتغيرة ، فتوصف بالأسرة النووية لأنها تتكون من الوالدين وأطفالهم ونتيجة لعمل أحد الوالدين المأجور خارج البيت بعد الثورة الصناعية, ولاشتداد تعقد الحياة واتساع الرغبات بتحويل السلعة إلى حاجة كما يقول ايفان إليش، وتحول أفرادها غير المنتجين إلى أعباء صار كلاهما يعملان خارج البيت ( أو يسعيان ) لذلك بعد الثورة التكنولوجية . وقد أوكلت الأسرة النووية مهمة تعليم الأطفال ( عن الأشياء والطبيعة ) للمدرسة فقل – نتيجة لذلك – التفاعل بين الوالدين والأطفال . ففي دراسة أمريكية تبين أن الأب لا يتحدث مع أطفاله لأكثر من خمس دقائق في اليوم، والأم لأكثر من عشرين دقيقة  معهم ، والأب وألام معاً لأكثر من خمس عشرة دقيقة ، يدور كثير منها حول الفواتير ومتطلبات الأسرة . وبدلاً من تفعيل العلاقة (الدافئة ) بينهما يجلسان إلى التلفاز صامتين وكأن كلاً منهما لا يرى الآخر مع أنه بجانبه . لقد صار التلفزيون المنظم الإلكتروني الأول لغرفة المعيشة والأسرة ، والمعلم الذي يريها ما يجب أن تكون عليه الحياة ، وإن من الأفضل للمرء الانتساب إلى الأشياء بامتلاكها لا بالسمو عليها .
 

ومثلما تخلت الأسرة النووية عن أطفالها للمدرسة تتخلى الأسرة المخترقة عنهم للتلفزيون ووسائل الاتصال الأخرى التي تدخل ( تخترق ) البيت بلا استئذان، فيقضون في مشاهدته أكثر مما يقضون في المدرسة ، ويكتسبون من مشاهدته شعوراً( زائفاً ) بالخبرة (Space toon) أما الأسرة الطاردة أو المفككة الناجمة عن ذلك فتتخلى عنهم للشارع أو للعالم السفلي أو عالم التطرف...

 

وبذلك يتلاشى التفاعل بين أفراد الأسرة ويتراجع التعلم بالقدوة والخبرة المباشرة ، ويصبح الزوجان فاترين أو باردين وغير مباليين. بمعنى أن الحب الذي يتم الزواج الحديث على أساسه يصبح قصير المدى وكأن له فترة صلاحية ( Expiry date ) وعقد الزواج ( المقدس ) "مسودة عمل" ( working draft ) مفتوح لاحتمالات كثيرة ، احتمال الطلاق أخطرها وأكثرها وقوعاً ويزيد طلاق الوالدين والبنيين والبنات أطفال من احتمال انفصالهم في المستقبل، ومن سرعة انتشار الأسرة النابذة في المجتمع.

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

إعداد : حسني عايش

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

تاريخ التحديث حزيران 2002

 

تاريخ التحديث آذار  2009

 

Copyright © 2001 - 2011 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية