دروس في دينامية الأرض
انجراف القارات

بين أوروبا وأمريكا :

 

ولعل أحدث المكتشفات وأشدها إثارة والتي تعطي تفسيراً منطقياً لتغير جغرافية سطح الأرض تتمثل في مستحاثات (حفائر) الحيوانات التي كانت تستوطن جزيرة " السمير " Ellesmere في اقصى شمال قارة أمريكا الشمالية منذ خمسين مليون سنة وتشمل هذه الحفريات الليمور الطائر Lemur وهو حيوان من فصيلة القردة يتميز بطول ذنبه ، وكذلك الزواحف التي تشبه التمساح الاسترالي والحيوانات الثديية القريبة من وحيد القرن علاوة على أنواع أخرى تعيش في المناخ الدافيء وتشبه الحيوانات التي كانت موجودة في أوروبا الغربية في تلك الفترة نفسها . ويقول الدكتور " مالكولم ماك كينا " أحد كبار المسؤولين بالمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك أن هناك نحو 34 نوعاً من مجموع 60 نوعاً من أنواع الثدييات الموجودة أنذاك في أوروبا كانت تعيش ايضاً في أمريكا الشمالية واثنان فقط منها في آسيا .

 

وعلى الرغم من ابتعاد قارتي أوروبا وأمريكا الشمالية عن بعضهما وظهور المحيط الأطلسي الشمالي إلا أن الدكتور " ماك كينا " يعتقد ببقاء معبرين بريين سمحا للحيوانات بالتحرك والانتقال بين أوروبا وأمريكا الشمالية .. وهذا هو التفسير المنطقي لظاهرة المكتشفات المتمثلة في حفريات تلك الحيوانات في أقصى شمال أمريكا الشمالية وتشابهها مع حيوانات أوروبا الغربية أثناء فترة المناخ الدافيء . ويرى هذا العالم وغيره من العلماء بأن أحد هذه المعابر الأرضية كان يصل الأراضي الكندية القطبية بجنوب جرينلند وايسلند وجزر فارو واسكتلندا أما المعبر الثاني فيربط شمال جرينلند بشمال النرويج مروراً بأرخبيل سبتسبرغن .

 

إن أرض جزيرة ( السمير ) لم تغير موضعها ومكانها الذي كانت عليه منذ خمسين مليون سنة فهي ما زالت قربية ومجاورة للقطب الشمالي . ولكن وجود كائنات المناخ الدافيء في هذه الجزيرة يدل على أن عالم ما قبل التاريخ كان أدفأ من عالم اليوم .

 

وعلى خلاف جزيرة " السمير " فإن قارة القطب الجنوبي التي كانت تربط استراليا بامريكا الجنوبية منذ نحو 80 مليون سنة كانت تقع على خطوط عرض مناخية أكثر دفئاً مما سهل مرور حيوانات المناطق المعتدلة وقد اهتمت المؤسسة العلمية القومية الأمريكية بتمويل عملية البحث عن حفريات تبرهن على وجود تلك المعابر والروابط وقد تركزت بحوثها على جزيرة " سيمور Seymour " قرب قارة القطب الجنوبي والتي اشتهرت بحفريات طائر البطريق الضخم .

 

وفي شهر شباط ( فبراير ) 1982 قاد الدكتور وليم زنسمايستر William Zinsmeister ، وهو يعمل في معهد الدراسات القطبية بجامعة ولاية أوهايو الأمريكية ، فريقاً إلى مناطق القطب الجنوبي واستمر في العمل لمدة أربعة أسابيع وعثر في النهاية على موقع غني بمخلفات طائر البنجوين . وباختصار يؤكد وجود مستحاثات متشابهة في أجناسها وأعمارها وبيئاتها على أن القارات وأجزاءها وجزرها المتباعدة عن بعضها في الوقت الحاضر كانت وحدة واحدة قبل مئات الملايين من السنين .

 

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

إعداد : أ.د. بلال عميرة

 

تاريخ التحديث  تموز  2002         

 

تاريخ التحديث  نيسان 2008        

Copyright © 2001 - 2010 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية