التحوير الفني وقضية الزمن في مسرحية
 – أهل الكهف

للكاتب :توفيق الحكيم

 

5.الشخصيات في المسرحية بين الواقعية والرمزية:

د. يمليخا :

أراد الحكيم أن يرمز له بالبساطة الساذجة والإيمان الفطري ولكن شخصيته جاءت باهتة ومهزوزه : هو أحياناً عاقل ، وأحياناً عاطفي ، وأحياناً أخيرة متدين . يقترب في بعض الظروف من عالم الروح ، ويغوص في ظروف أخرى في عالم المادة ..! إن إيمانه الفجائي واقتناعه السريع أقرب إلى الصدمه والانبهار ، فقد ألهم ولم يستطع أن يجادل ، ورأى النور لأول مره فلم يقدر إلاّ على رؤيته وأن يدرك بالغريزه أنه ليس بظلام .

ليست لديه براهين عقلية ، ولكنه يستند الى أحاسيسه ومشاعره التي لا يمكن أن يكذبها فيه أي أحد ، أو يتهاون بها ويسخر منها.

ويمليخا راع ترك للشمس والعراء فاكتسب السمره والصفاء فلما جاءه الإيمان ترك نفسه أيضاً بحيث امتزج لون بشرته وقوة إيمانه ، فأصبح من المستحيل الفصل بينهما أو فصلهما عنه ولكن الحكيم لا يكتفي بهذه الصفات في شخص شخصيته ، فيضيف إليها ما هو غريب حقاً ؟ لأنه يضيف ذاته أو يضيف من ذاته .. ونعني تلك الحكمة التي لا يمكن أن تصدر عن راعٍ أو عن إنسان عادي ! لنسمع يمليخا وهو يتحدث حديث الفلاسفة والمفكرين ...

 

وأستذكر أين رأيت هذه الصورة من قبل ؟ أفي الطفولة ، أم في الأحلام ، أم قبل أن أولد ؟

ولنسمعه أيضاً عندما يعلن الحقيقة لأول مرة ، فقد أحسها بإيمانه وإن لم يستنتجها بعقله ، حقيقة الأعوام الثلاثمائة : ولئن كنتما لا تحسنان بعد الهرم – إني بدأت أحس وقر ثلاثمائة عام ترزح تحتها نفسي . أستودعكما الله هانئين بشباب قلبيكما في حياتكما الجديدة ... !"

ويدور هذا الحوار بينه وبين صاحبيه :

" يمليخا : ( في صوت باك رهيب ) دعا يمليخا وشأنه أيها الفتيان إن يمليخا عمره ثلاثمائة عام .. "

مشلينا : مسكين يا يمليخا ! ونحن إذن ؟

يمليخا : أنتما محبان ... ! "

وهكذا يضعنا يمليخا أمام خيار صعب . الحب أم الإيمان ؟ ولكن يمليخا يعلن في الوقت نفسه أن الحياة نفسها هي أروع ما في الحياة ، وأن هذه الحياة الرائعة لا يقهرها غير الموت ، ذلك الحدث المروع برغم أي إيمان . فعندما يسترجع حكاية جدته التي ذكرت فيها واقعة الراعي الذي نام شهراً ثم استيقظ وهو يقص على أقربائه أحلاماً غريبة امتزجت هي والواقع لأنهم قد عاشوها قبل أن يستيقظ . عاد حنين يمليخا إلى الحياة وصاح في صاحبيه فرحاً
" إذن كان حلما ً ! واذا خرجنا الآن وجدنا عالمنا الذي نستطيع أن نعيش فيه .. ! "

ولكن الموت لا يمهله ويختاره ، ليكون أول شهداء الكهف .

 


المادة من اعداد الأستاذ: عبد الله عزايزه , أستاذ اللغة العربية في مدرسة دبورية الثانوية

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : أ. عبد الله عزايزه 

 

تاريخ التحديث : نيسان 2006

Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية