التحوير الفني وقضية الزمن في مسرحية
 – أهل الكهف

للكاتب :توفيق الحكيم

5.الشخصيات في المسرحية بين الواقعية والرمزية:

 

عثر الكاتب عن شخصيات مسرحيته أهل الكهف كما أوردنا في آيات القرآن الكريم المشار اليها سابقاً (9-27 من سورة الكهف) ودفعها الى الحياة المعاصرة لتعيش الواقع وتعايشه بأحاسيس ومشاعر إنسانية خالصة ، وإن جنحت في بعض الأحيان إلى الرمز تجسد من خلاله الأفكار والمعاني المجرده.

ولذلك ظلت هذه الشخصيات أسيراً للعمل الفني لا تتخطاه فلم تستطع أن تقنعنا بانسانيتها ، ولم تقدر على التخلص من بعض الصفات الانسانية وأبرزها عاطفة الحب وغريزة البقاء .. وتحولت كل شخصية إلى رمز برغم التناقض والمتناقضات التي عانتها منذ البداية حتى النهاية.

 

واليك هذه الشخصيات وما ترمز اليه :

أ. مشلينا هو الرمز المجرد والتجسيد الحي للحب ..

وهو متمسك بالحياة فقط ، لأنه يحب ، أما الدين فليس هماً من همومه ، بل هو يفزع من تأخر رحمة الله التي ينتظرها ... ولأن حبه أعمى – كما يقال – لم يفرق مشلينا بين بريسكا الأولى وبريسكا الجديدة ، ونسي فارق الزمن بينه وبين محبوبته ، لم يعد يهمه إلا تجاوبه معها وتجاوبها معه ! انه يريدها هي بلحمها ودمها وروحها مهما كانت أو تكن ... وفي غمرة هذا الحب الجارف لم يعد مشلينا يأبه بالكهف الذي ينتظره والنهاية الحتمية التي تتربص به . فهو إنسان حي يعيش ومن حقه أن يمارس حياته ويستثمر وجوده.

يقول "مشلينا" لصديقه "مرنوش" : "أترعبك كلمة ثلاثمائة سنة ؟ فليكن مبلغها ما يكون .. إننا في الحياة قبل كل شيء إننا نعيش ونحس ونشعر .."

 

فالحب عند مشلينا هو قمة الحياة ، ولذلك تحدى الزمن ، وتحدى فاصل الجسد ، ولكنه كأي بطل يذعن في النهاية للنهاية ، ولكنه لم يذعن ذلك الاذعان التراجيدي أو المأساوي الذي يتصف بالسقوط ، لأن يتيمز بالإيمان ، برغم كل شيء ، ويدرك أن الإرادة العليا هي الإرادة القاطعه والحاسمه ، ما عليه إلا أن يتقبلها حتى لو شكلت له نوعاً من المأساة..!

ولأن مشلينا كان سبب الأحداث ومصدرها ، مني بالقدر الأكبر منها ومن كوارثها : فهو الذي شجع زميله مرنوش على الهرب ، وهو الذي أقنع يمليخا باللجوء معهما الى كهف الرقيم ، وهو الذي حرك مشاعر بريسكا ، ودفعها الى التعلق به  ... ولهذا كله جعله الحكيم أول المتحدثين ، كما جعل بريسكا هي آخر المتحدثين .. فمشلينا كان السبب وبريسكا هي النتيجة.

وعندما يخلد مشلينا الى الموت يتمسك بالبعث ، ويدافع عنه ، لأنه يدافع في حقيقة الأمر عن حبه ، حبه الذي قد يتحقق في حياة أخرى ، بعد البعث ...

يقول مشلينا : " أشهد المسيح أني أؤمن بالبعث ، لأن لي قلباً يحب ... !

 


المادة من اعداد الأستاذ: عبد الله عزايزه , أستاذ اللغة العربية في مدرسة دبورية الثانوية

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

اعداد : أ. عبد الله عزايزه 

 

تاريخ التحديث : نيسان 2006

Copyright © 2001 - 2012 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية